افتتاح أشغال الندوة الوطنية الثلاثية رفيعة المستوى حول الحوار الاجتماعي بإشراف رئيسة الحكومة


أشرفت رئيسة الحكومة السيدة نجلاء بودن رمضان صباح يوم الإثنين 24 أكتوبر 2022 على ندوة وطنية عُقدت بأحد نزل العاصمة، تمحورت حول 'إعادة التفكير في هيكلة عالم العمل في تونس من أجل إنجاح التعافي بعد جائحة كوفيد-19: الحوار الاجتماعي كرافعة للإنعاش الاقتصادي والاجتماعي" وذلك بحضور وزير الشؤون الاجتماعية السيد مالك الزاهي والامين العام للاتحاد العام التونسي للشغل السيد نور الدين الطبوبي ورئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية السيد سمير ماجول ومديرة مكتب منظمة العمل الدولية لبلدان المغرب العربي السيدة رانيا بخعازي والمنسق المقيم للأمم المتحدة السيد أرنو بيرال و كاتب الدولة لدى وزارة الشؤون الخارجية النرويجية السيد Eivind Vad Petersson (تدخل عن بعد من خلال فيديو تسجيلي) وعدد من ضيوف تونس.
واعتبرت السيدة نجلاء بودن رمضان في بداية الندوة أن مجابهة الأزمات لا يكون إلاّ وفق مقاربات دولية تضامنية كما هو الشأن للتصدي لجائحة كورونا وشراكات فاعلة قادرة على احداث التغيير وتحقيق التنمية المستدامة والمتكافئة والمتضامنة مبرزة أن تبعات أزمة الكورونا إلى جانب الخسائر البشرية، أسفرت الأزمة الصحية عن تداعيات اقتصادية واجتماعية جسيمة منها تراجع نسب النمو وتفاقم البطالة وارتفاع نسب الفقر، الأمر الذي عمّق التفاوت الاقتصادي بين الدول.
وأضافت أن جائحة كوفيد قد دفعت فعلا الحاجة دوليا واقليما ودوليا إلى مراجعة السياسات التنموية الاقتصادية والاجتماعية المعتمدة وتأسيس خارطة طريق جديدة وفق مقاربة تشاركية وجامعة من أجل بلورة السياسات الفاعلة للاستجابة لمخلفات الأزمة وتعزيز قدرة الدول والمجتمعات على الصمود وعلى تحميل التحديات إلى فرص حقيقية للتنمية الشاملة والمستدامة بغية تحقيق الاستقرار الاجتماعي.
    وتابعت السيدة رئيسة الحكومة: أن المنوال التنموي المعتمد في تونس منذ عقود أثبت عدم قدرته على مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية الراهنة وفاقم التفاوت الجهوي ولا يستجيب للإصلاحات الكبرى ولمتطلبات التنمية الشاملة والمندمجة التي نتطلع إليها ما يستوجب ابتكار منوال تنموي يأخذ بعين الاعتبار التحولات الاقتصادية ويحترم مبادئ الشفافية ويسهم في تحقيق المساواة مبرزة أن الحكومة ومنذ توليها المسؤولية أعدّت جملة من الإصلاحات وفق مقاربة مبنيّة على التشاركية والحوار بنسق حثيث إلى أن تُوجّت الجهود بالاتفاق الذي وقع في 15 أكتوبر الماضي على مستوى خبراء صندوق النقد الدولي مطمئنة في هذا الاطار الشعب التونسي ودعوتهم للتمسك برباط الثقة بدولته ووطنه والمضيّ قدما في تحقيق التطلعات مشدّدة أن الاقتصاد التونسي في طريقه إلى التعافي والاستقرار. 
 وحول الإصلاحات التي أرستها الحكومة بينت السيدة نجلاء بودن رمضان أنها كانت وفق منهجية جامعة وحوار واع ومسؤول مع مختلف الشركاء الاجتماعيين وقد أفضت إلى التوصل إلى جملة من الاتفاقات الإطارية حول الزيادات في الأجور والمنح إضافة إلى الترفيع في الأجر الأدنى المضمون بداية من الشهر الحالي كما تم التوصل مؤخرا إلى اتفاق ثلاثي بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بمباركة من منظمة العمل الدولية. وتوجهت السيدة نجلاء بودن رمضان رئيسة الحكومة برسالة إلى الشباب تعيد له الأمل والثقة في مؤسسات الدولة من أجل تحقيق حلمه.
و من جهته أكد وزير الشؤون الاجتماعية السيد مالك الزاهي أنّ تحقيق مطالب الشعب التي عبّر عنها خلال الثورة في الشغل والحرية والكرامة الوطنية تستوجب منا وضع مقاربة جديدة بآليات مبتكرة لمجابهة الأزمة كبعث صندوق دعم المنقطعين عن العمل وخلق فرص إنتاج الثروة مثل برنامج التمكين الاقتصادي للشباب وبرامج اجتماعية تنضوي تحت شعار الاقتصاد التضامني التشاركي إلى جانب إحداث صندوق دعم أصحاب الشهائد العليا، مبينا أن هذه المقاربة الجديدة تسعى لبناء مجتمع تشاركي من أجل توزيع عادل للثروة وتحقيق الاستقرار الاقتصادي المنشود الذي يكرّس السلم الاجتماعي.
وأكد وزير الشؤون الاجتماعية أنه رغــم صعوبة هــذا الظرف والملفات الكبــرى الراهنة فإنّ الوزارة تواصل عملها ودورها في إطار تشاركي ومع كافة الأطراف الاجتماعية في تحقيق المعادلة المنشودة بين المحافظة على ديمومة المؤسسة وتأمين حقوق العمال وتحسين شروط وظروف العمل والمحافظة على العنصر البشري وتأمين مقومات السلم الاجتماعية وانجاز مهامها على الوجه المطلوب مهما كانت الظروف والوفاء بالالتزامات المنوطة بعهدتها.، مشيرا إلى أن النهوض بالحوار الاجتماعي يعتبر في هذا المجال محوريا وأساسيا في صياغة السياسات الحكومية عبر تشريك الأطراف الاجتماعية في إعداد التصوّرات وتطبيق البرامج والسياسات الوطنية للإنعاش الاقتصادي.
وفي هذا السياق، استعرض الوزير أهم الإجراءات التي تم اتخاذها والمتمثلة أساسا في:
- رقمنة الخدمات المسداة للمستثمر عبر التسريع في إرساء منظومة معلوماتية مندمجة للاستثمار لفائدة المؤسسات خاصة التي تشهد صعوبات وكذلك المستثمرين من خلال تركيز خدمة "عريضة على الخط" بموقع واب الوزارة تمكنهم من تجنب عناء التنقل واختصار آجال الحصول على الخدمة والانتفاع بها بإجراءات مبسطة.
- تجميع كل التشريعات المتعلقة بالمجال الشغلي في مدوّنة محيّـنـة وسيتمّ قريبا وبدعم من مكتب العمل الدولي بتونس وضعها على بوابة خاصة بموقع الوزارة بما من شأنه التعريف بالتشريعات ومدّ المعنيّين بكل التوضيحات اللازمة والاجابة على كل الاستشارات من خلال هذا الموقع وبما يضمن مزيد الإحاطة بالمستثمرين والعمال وكل المتدخلين في ميدان العمل.
- استكمال المنظومة المعلوماتية لجهاز تفقد الشغل بما من شأنه تطوير آدائه خاصة في ظلّ بروز أنماط جديدة من العمل سارعت جائحة الكوفيد في اللجوء إليها بما يجعل الدعوة ملحة لتطوير تشريعنا في المجال بشكل يساهم في مزيد تنظيم العلاقات الشغلية بها.
- تحسين نسب التغطية الاجتماعية الفعلية لمختلف أنظمة الضمان الاجتماعي والعمل على استقطاب القطاع الموازي.
- مراجعة منظومة الإحاطة الاجتماعية بالعمال عبر إرساء نظام جديد للتأمين على فقدان مواطن الشغل لأسباب اقتصادية.
- تقريب الخدمات وتحسين التغطية الاجتماعية واستقطاب القطاع غير المنظم وتكريس مبدأ شمولية الضمان الاجتماعي بالسعي إلى إدماج الفئات غير المهيكلة والعمل على تبسيط إجراءات التغطية الاجتماعية.
- تنفيذ مشروع الحماية الاجتماعية للتصدّي العاجل لجائحة كوفيد 19 والحدّ من التداعيات الاجتماعية لمجابهة فيروس كورونا على الفئات المعوزة ومحدودة الدخل والمحافظة على المقدرة الشرائية. 
 وأشاد وزير الشؤون الاجتماعية في ختام كلمته بالمجهودات التي قدّمتها منظمة العمل الدولية من أجل تعزيز جهود الانتعاش التي تبذلها الدول الأعضـاء ومساعدة الحكومات ومنظمات أصحاب العمل والعمال من أجل بناء مستقبل أفضل بعد الأزمة.
من جهته دعا الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل السيد نور الدين الطبوبي إلى أهمية تفعيل المجلس الوطني للحوار الاجتماعي، الذي يضم الحكومة والأطراف الاجتماعية، وذلك من أجل مناقشة السياسات الاقتصادية والاجتماعية في تونس، مشيرا الى ان جائحة كورونا والظرف الاستثنائي الذي عاشته بلادنا من أسباب عدم تفعيل أشغال هذا المجلس.
وأكد السيد نور الدين الطبوبي أن الظرف العالمي يفرض رؤية جديدة لعالم العمل تستند إلى اعتماد سياسة اقتصادية تشاركية محورها الإنسان، مبرزا أنه لا بديل عن الحوار الجدي والمسؤول من أجل تحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في البلاد.
    ومن جهته بين رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية السيد سمير ماجول أن آثار جائحة كورونا ثمّ الأزمة الروسية الأوكرانية ساهمتا في تدهور الاقتصاد الوطني، مشيرا الى أن غالبية المؤسسات تواجه وضعية مالية خانقة، داعيا الى التفكير في ضرورة توفير الظروف الملائمة للاستثمار وتحقيق السيادة الاقتصادية من خلال التركيز على الأمن الغذائي والطاقي، مشددا على أهمية اعتماد الرقمنة ودعم المؤسسات حتى تتمكن من مجابهة عديد المخاطر.
 وأكدت مديرة مكتب منظمة العمل الدولية لبلدان المغرب العربي السيدة رانيا بخعازي بالمناسبة أن هذه الندوة تمثل خطوة هامة في مزيد تحقيق المسار التشاركي الذي انتهجته الأطراف الاجتماعية من أجل إقرار وإطلاق الإصلاحات المستعجلة والهيكلية التي تقتضيها هذه المرحلة الصعبة التي تمر بها تونس على غرار معظم دول العالم في ظل الانعكاسات السلبية لجائحة كورونا على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي.
 كما جددت مديرة مكتب منظمة العمل الدولية لبلدان المغرب العربي حرص منظمة العمل الدولية لا سيما من خلال مشروع "دعم إدارة العمل والحوار الاجتماعي وتعزيز الحماية الاجتماعية في تونس" على مواصلة مرافقة شركائها الاجتماعيين من أجل تكريس الحوار الثلاثي الفاعل والشفاف كوسيلة مثلى من أجل وضع هذه الإصلاحات لتحقيق التعافي الاقتصادي والاجتماعي والتنموي الذي تحتاجه تونس.
 

نشر :